لكم دينكم ولي دين – هل فهمنا المعني والمقصد

فى إحدى محاولات مشركى مكة لاحتواء  الرسول صلى الله عليه وسلم واحتواء هذا الدين الجديد الذى كان يهدد معتقداتهم الوثنية عرضوا على النبى الكريم عرضاً ظنوه سخيّاً وتنازلا كبيرا منهم... لنعبد ربك يا محمد عاماٌ وتعبد معنا ما نعبد عاماً آخر.

محاولة لمسك العصا من المنتصف، حلٌّ وسطٌ.. هكذا بدا لهم.. فالفرق بين هذا ذاك ليس بالفرق الشاسع.. والأمر هين.. وكلها عبادة.. وكلهم آلهة..!!

 وسبحان الله ... تمر السنين والأعوام بل والقرون وهاهو التاريخ يعيد نفسه....

ونجد من ينادى بتقارب الأديان وتشابهها.. فكلنا يعبد الله نفس الإله وإنْ اختلفت الأساليب والوسائل..

كأنها طرق متوازية شتى وكلها  تؤدى  إلى نفس الوجهة ونفس المقصد..

ويسوؤنا أن هناك مِن علمائنا وقادتنا مَن نادى بالتآلف والتآخى بين ما يسمونه بالديانات السماوية.. ويطلقون ألقاب التكريم والتعظيم على أئمة الكفر والمشركين واحتفالاتهم وأعيادهم مثل "قداسة البابا" و"العيد المجيد" وغيرها..!

فالقدسية لله وحده وهو وحده المجيد..

وهناك مَن يُقرن بين القرآن وبين ما يسمونه بالكتب السماوية من عهد قديم أوعهد جديد ويجادل أنها من عند الله وتؤدى إلى نفس النتيجة وتخدم نفس الغرض..

وكما كان موقف الإسلام واضحاً فى هذا الأمر حين عرضت قريش عرضها على رسول الله.. مازال موقف الإسلام بنفس الوضوح والجلاء.. تعرضه الآية الكريمة التى نزلت ردّاً على قريش وعرضهم آنذاك:

 "قُلۡ يَـٰأَيُّهَا ٱلكَـٰفِرُونَ (١) لَآ أَعبُدُ مَا تَعبُدُونَ (٢) وَلَآ أَنتُمۡ عَـٰبِدُونَ مَآ أَعبُدُ (٣) وَلَآ أَنَا۟ عَابِدٌ۬ مَّا عَبَدتُّمۡ (٤) وَلَآ أَنتُمۡ عَـٰبِدُونَ مَآ أَعبُدُ (٥) لَكُمۡ دِينُكُمۡ وَلِىَ دِينِ (٦)" ( سورة الكافرون)

نعم:

إخوة الإسلام:

إنَّ الآيات القرآنية فى هذا الأمر قاطعةٌ وحاسمةٌ ولا تترك مجالاً للمساواة والمقارنة.. كما أنها لاتدع أيضاً مجالاً للإقرار.. فنحن لا نقرُّ الكفارعلى كفرهم ولا المشركين على شركهم ولا النصارى على نصرانيتهم ولا اليهود على يهوديتهم..

نعم هم أخوة لنا فى البشرية والإنسانية – لهم حرية العقيدة والعبادة.. ولكنا لا نقرهم على ما هم فيه من كفر ٍ أو اشراكٍ.. ولا نطلق على أئمتهم ألقاب القداسة.. أو على أعيادهم بأنها مجيدةٌ..

فالفرق بين ديننا و"دياناتهم" فرقٌ شاسعٌ والآيات فى سورة الكافرون تقطع بهذا الأمر فى حسمٍ وتوكيدٍ.. "لَآ أَعۡبُدُ مَا تَعۡبُدُونَ (٢) وَلَآ أَنتُمۡ عَـٰبِدُونَ مَآ أَعۡبُدُ (٣) وَلَآ أَنَا۟ عَابِدٌ۬ مَّا عَبَدتُّمۡ (٤) وَلَآ أَنتُمۡ عَـٰبِدُونَ مَآ أَعۡبُدُ (٥).."

تكرارٌ للتوكيد فى الماضى والمستقبل.. والقطيعة فى اختلاف العبادة والمعبود..

ويزداد الحسم والقطيعة والوضوح فى قوله تعالى : "لَكُمۡ دِينُكُمۡ وَلِىَ دِينِ (٦)".

وللأسف، يسىء البعض منا فهم معنى هذه الآية الكريمة لضعفٍ فى استيعاب المعنى وعجز عن فهم الألفاظ القرآنية..

ــ لقد علم كفار مكة بخطورة هذا الدين الجديد، لذلك حاولوا الكثير لتحويل محمد عن منهجه.. بما فى ذلك حيلة الحل الوسط التى دحضتها الآيات الكريمة : "لَكُمۡ دِينُكُمۡ وَلِىَ دِينِ (٦)".

ــ ولقد علم الرسول الكريم باستحالة الحل الوسط.. فلن يقوم للإسلام قائمة فى ظل معتقدات الكفار وقيمهم او نظامهم  الاجتماعى- لابد وأن يتغير المناخ العام للمجتمع، ولابد وأن تأخد قيم الإسلام ومُثله مقامها، ولابد وان يكون الإسلام هو النظام السائد لا المسود..

رأى كفار مكة قوة هذا الدين فى مبادئه وقيمه.. وليس فى العدد أو العدة.. فلم يكن لمحمدٍ إلا أتباع معدودون.. ولم يكن لديه أو لدى أتباعه من العتاد أوالعدة ما يخيف أو يثير القلق..

وهاهو التاريخ يعيد نفسه مراتٍ ومراتٍ.. وهاهو يعيد نفسه مرةً أخرى فى عصرنا الحديث.. فهاهم المسلمون ضعفاء مستضعفون.. وليس لديهم ما يخيف.. أو ما يثير قلقاً من عتادٍ أو عدةٍ..

ولكنه الإسلام .. ذات العقيدة.. وذات القيم.. وذات النظم الاجتماعية.. التى لو أعطيت الفرصة لفرضت نفسها على ما دونها من عقائد ومثل ونظم اجتماعية..

وهذا هو الخطر الذى يراه أعداء الإسلام..

يرونه بوضوحٍ بالغٍ.. أوضح مما يراه بعض المسلمين..

ولذلك يحاربونه كما حاربه كفار قريش.. بشتى الطرق والوسائل..

منها مانراه ونفطن إليه.. ومنها ما لا نراه ولانفطن إليه..

ولكنهم يحاربونه بضراوةٍ بالغةٍ.. لأنه يهدد أنظمتهم وعروشهم..

ومرةً أخرى يلجأون للحيلة لمحاربة هذا الدين كما لجأ كفار مكة من قبلهم.. فهاهم يتخللون صفوفنا ويخترقونها بما يسمونه  بجمعيات التآلف أو التحالف أو التحاور بين "الأديان".

فحذار أيها المسلمون من الانخداع بهذه الحيلة أو الوقوع فى هذه المكيدة..

 

حقاً إن الإسلام يقوم على الإخاء بين البشر..

حقاً إن الإسلام  يقوم على حرية الفكر.. وحرية العقيدة..

حقاً إن الإسلام  يقوم على حسن المعاملة.. واعطاء كل ذى حقٍّ حقه..

ولكن الإسلام يستنكر أى إقرارٍ لأى نظام آخر.. كما يرفض أى إقرانٍ بها..

"لَكُمۡ دِينُكُمۡ وَلِىَ دِينِ.." - لا إقرار ولا إقران.. هكذا تذكرنا الآية الكريمة..

إخوة الإسلام:

نعم لابد وأن تأخذ قيم الإسلام ومثلهِ مكانتها فى المجتمع.. ليس مجتمع المسلمين فحسب.. بل فى المجتمع البشرى بأكمله.. فهذا دورنا وهذا واجبنا..

لابد وأن يأخذ الإسلام مكانته فى الصدارة.. فهذا دورنا وهذا واجبنا..

نعم يجب أن يكون الإسلام هو الضوء المنير الذى يهدى هذه البشرية إلى ما فيه خيرها وسعادتها.. .. فهذا دورنا وهذا واجبنا..

لذا فلابد  وأن يتصدر المسلمون القيادات الاجتماعية والفكرية والسياسية والعسكرية.. .. فهذا دورنا وهذا واجبنا..

ولذا فلابد وأن يتفوق المسلمون.. فى كافة الأنشطة والحرف فى هذه الأرض.. فهذا دورنا وهذا واجبنا..

نعم لابد من صدارة المسلمين..

ولكن أى مسلمين.. أولئك الذين يستحقون الصدارة..

فسنة الله فى كونه أنه لا صدارة لمن لا يستحق الصدارة.. فهل نحن هم ؟!.. هل نحن أولئك المسلمون الجديرين بالصدارة؟!..

ــ هل منا من هو جديرٌ بقيادة العالم اجتماعياً أو فكرياً أو سياسياً أو عسكرياً؟!

ــ هل منا من هو جديرٌ بالصدارة العالمية فى حرفةٍ أو مهنةٍ أو نشاطٍ؟!

ــ هل منا من هو قادرٌ على إظهار نور الإسلام للبشرية.. يرونه واضحاً جلياً.. ويهديهم إلى مافيه خيرهم وسعادتهم؟!

إخوة الإسلام: هذا دورنا وهذا واجبنا..........